بعد هذا الغياب،أعود لأستأكمل ما بدأته راجيا من الله التوفيق
الفصل الأول:العقيدة والتوحيد:المبحث الأول:تعريف العقيدة:الفقرة الأولى:العقيدة في اللغة: هي مفرد عقائد،وهي ما عقد عليه القلب والضمير،يقال:اعتقد الأمر اعتقادا إذا صدقه ،وعقد عليه قلبه وضميره أي تدين به.
وهي من العقد؛ وهو الربط، والإبرام، والإحكام، والتوثق، والشد بقوة، والتماسك، والمراصة، والإثبات؛ ومنه اليقين والجزم. والعقد نقيض الحل، ويقال: عقده يعقده عقداً، ومنه عقدة اليمين والنكاح، قال الله تبارك وتعالى:"لاَ يُؤَاخِذُكُمُ اللّهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِن يُؤَاخِذُكُم بِمَا عَقَّدتُّمُ الأَيْمَانَ"
وعرفها عبد الحميد الأثري بقوله
الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين ما يقصد به الاعتقاد دون العمل؛ كعقيدة وجود الله وبعث الرسل. والجمع: عقائد، وخلاصة ما عقد الإنسان عليه قلبه جازماً به؛ فهو عقيدة، ً سواء كان حقاً، أم باطلا)
الفقرة الثانية :العقيدة في الإصطلاح: (هي مجموعة قضايا الحق البديهية المسلمة بالعقل والسمع والفطرة، يعقد عليها الإنسان قلبه،ويثني عليها صدره،جازما بصحتها،قاطعا بوجوبها و ثبوتها،لا يرى خلافها أنه يصح،أو يكون أبدا،وذلك كاعتقاد الإنسان بوجود خالقه ،وعلمه به وقدرته عليه،ولقائه بعد موته ونهاية حياته،ومجازاته إياه على كسبه الاختياري،وعلمه غير الاضطراري،وكاعتقاده بوجوب طاعته في ما بلغه من أوامره ونواهيه من طريق كتبه ورسله،طاعة تزكو بها نفسه وتتهذب بها مشاعره، وتكتمل بها أخلاقه وتنتظم بها علاقته بين الخلق والحياة،وكاعتقاده بغنى ربه تعالى عنه،وافتقاره إليه في كل شأنه،حتى في أنفاسه التي يرددها ،فلله تعالى حياته وعليه وحده توكله واعتماده،إذ هو محط رجائه إذا طمع،ومأمن خوفه إذا خاف،هو مولاه الذي لا مولى له غيره،و معبوده الذي لا معبود له سواه،لا يرى ربوبية غيره،ولا يعتقد ألوهية سواه)
وفي تعريف آخر
هي التصديق بالشيء والجزم به دون شك أو ريبة،فهي بمعنى الإيمان.يقال اعتقد في الشيء أي آمن به، والإيمان بمعنى التصديق،يُقال آمن بالشيء أي صدق به تصديقا لا ريب فيه ولا شك.)
وقد عرفها الدكتور ناصر بن عبد الكريم العقل تعريفا دقيقا ومختصرا حيث قال:
(هي الإيمان الجازم بالله، وما يجب له في ألوهيته وربوبيته وأسمائه وصفاته، والإيمان بملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر، والقدر خيره وشره، وبكل ما جاءت به النصوص الصحيحة من أصول الدين وأمور الغيب وأخباره، وما أجمع عليه السلف الصالح، والتسليم لله تعالى في الحكم والأمر والقدر والشرع، ولرسوله صلى الله عليه وسلم بالطاعة والتحكيم والإتباع.)
أما الدكتور عبد الحميد الأثري فأوجز القول فقال
العقيدة إذا أطلقت فهي عقيدة أهل السنة والجماعة؛ لأنها هي الإسلام الذي ارتضاه الله ديناً لعباده، وهي عقيدة القرون الثلاثة المفضلة من الصحابة والتابعين وتابعيهم بإحسان.)
فالعقيدة ضرورية قي حياة الإنسان،تفرضُ وجودها عليه،ولا يمكن الاستغناء عليها.لأن الإنسان بطبعه يشعر بالحاجة إلى قوة عظيمة يركنُ إليها في أحوال الشدة،ويلجأ إليها عند الضرورة (أما دعوى استغناء الإنسان عن العقيدة فهي دعوى باطلة يكذبها الواقع ويُبطلها تاريخ البشرية الطويل،إذ أن واقع البشرية شاهدٌ على أن الإنسان حيثما كان وفي أي ظرف وُجد وعلى اختلاف أحواله، لا يخلو من عقيدة أبدا،سواء كانت تلك العقيدة حقا أو باطلا،صحيحة أو فاسدة. يقول المؤرخ الإغريقي "بازماك": وَجدت في التاريخ مدنا بلا حصون ولا قصور ولا سدود ولا قناطر،لكن لم أجد مدنا بلا معابد)
وإلى نفس المعنى ذهب الفيلسوف الفرنسي"برغسون" حين قال:"لقد وُجدت وتُوجد جماعات إنسانية من غير علوم و فنون وفلسفات، ولكن لم توجد قط جماعات بدون ديانة"
فإلى لقاء آخر مع المبحث الثاني:أصل الإهتمام بالعقيدة.