سارع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو إلى التنصل مما جاء في كلمة وزير خارجيته أفيغدور ليبرمان أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك بشأن أمد الصراع مع الفلسطينيين، معربا في الوقت ذاته عن أمله في مفاوضات إيجابية خلال لقائه المرتقب مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في باريس الشهر المقبل. وفي المقابل جدد عباس التهديد بالانسحاب من المفاوضات إذا لم يتوقف الاستيطان.
وذكر بيان صادر من مكتب نتنياهو في القدس أن كلمة ليبرمان لا تعبر عن الموقف الرسمي الإسرائيلي، ولم يتم التنسيق بشأنها مع نتنياهو الشخص الذي يدير المفاوضات السياسية لإسرائيل.
وشدد البيان على أن القضايا المختلفة لاتفاق سلام لن يتم بحثها وتحديدها إلا على مائدة التفاوض وليس في أي مكان آخر.
كما تنصل وزير الدفاع الإسرائيلي إيهود باراك الذي يتزعم حزب العمل من كلمة ليبرمان، وقال إنها لا تعبر عن موقف الحكومة الإسرائيلية وبالتأكيد لا تعبر عن موقف حزب العمل الذي يرى أن من الضروري استمرار المفاوضات وتحقيق انفراج وصولا لإنجاز اتفاق سلام مع الفلسطينيين، بحسب بيان صادر من مكتب باراك
ليبرمان اقترح اتفاقا انتقاليا يدوم عقودا (الفرنسية)
وكان ليبرمان قد قال أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك إنه يجب التخلي عن مبدأ الأرض مقابل السلام في مفاوضات الوضع النهائي التي استبعد أن يتم التوصل إلى اتفاق بشأنها خلال عام، مقترحا بالمقابل اتفاقا انتقاليا يدوم عقودا.
واعتبر أن المبدأ الموجِّه لاتفاق الوضع النهائي يجب ألا يكون الأرض مقابل السلام بل تبادل الأراضي المأهولة، موضحًا ذلك بقوله إنه لا يتحدث هنا عن نقل السكان "بل عن نقل الحدود لكي تعكس بشكل أفضل الحقائق الديمغرافية".
وأشار ليبرمان إلى وجود نوعين من المشاكل في النزاع الإسرائيلي الفلسطيني هما -حسب قوله- المشاكل العملية المتمثلة بالاحتكاك بين أمتين ذواتي ديانتين ولغتين ومطالب متعارضة بالأرض نفسها، والمشاكل العاطفية التي تتركز في غياب الثقة بين الجانبين ومسائل مثل القدس واللاجئين والاعتراف بإسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي.
واعتبر أن حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي يتطلب معالجة الخلاف مع طهران أولاً, التي قال إنها يمكن تفشل أي اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين أو مع لبنان عبر وكلائها، حسب قوله.
وتسببت كلمة ليبرمان في انسحاب مندوبين فلسطينيين من اجتماع الجمعية العامة. وقال المندوب الفلسطيني الدائم لدى الأمم المتحدة رياض منصور لرويترز إن التصريحات كانت مهينة للغاية ولا يمكن التسامح بشأنها وإن هذا الرجل (ليبرمان) منعزل تماما عن الواقع السياسي.
اجتماع باريس
تأتي
"
ميتشل سيجري مشاورات واسعة في المنطقة قبل أن يلقي عباس كلمته أمام اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة الاثنين القادم
"
الخلافات بشأن كلمة ليبرمان في وقت وافق فيه نتنياهو على الاجتماع مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس في قمة في باريس الشهر المقبل، دون أن يعلن بعد عن موعد محدد لتلك القمة.
وذكر بيان صدر عن مكتب نتنياهو أن رئيس الوزراء أجرى محادثات هاتفية مع الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي ووزيرة الخارجية الأميركية هيلاري كلينتون وأبلغهما أنه يأمل استمرار مفاوضات إيجابية مع عباس بغية التوصل إلى اتفاق إطار في غضون عام.
ومن المقرر أن يلتقي المبعوث الأميركي للشرق الأوسط جورج ميتشل المسؤولين الإسرائيليين اليوم الأربعاء والمسؤولين الفلسطينيين غدا الخميس لمساعدة الجانبين في التوصل لحل وسط.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية فيليب كراولي إن ميتشل سيجري مشاورات واسعة في المنطقة قبل أن يلقي عباس كلمته أمام اجتماع لجنة المتابعة العربية في القاهرة الاثنين القادم.
وقال مسؤول أميركي كبير اشترط عدم ذكر اسمه أن الولايات المتحدة لم تفقد الأمل في إمكانية إنقاذ العملية بطريقة ما، مضيفا أن واشنطن ترى ضبطا للنفس على كل من الجانبين ولديها أيام قليلة تأمل أن تتمكن خلالها من تذليل هذه المشكلات وأن تبقى المحادثات تمضي قدما.
الموقف الفلسطيني
عباس جدد التأكيد على إنهاء المفاوضات إذا استمر الاستيطان (الفرنسية-أرشيف)
وأبقى عباس الباب مفتوحا أيضا إذ قال لراديو أوروبا "1" إن الجانب الفلسطيني لا يريد بالطبع أن ينهي المفاوضات ويريد الاستمرار لكن إذا استمر الاستيطان فإنه سيضطر إلى إنهاء المحادثات.
وأضاف عباس أنه سينتظر إلى ما بعد اجتماع بين الفلسطينيين ولجنة المتابعة العربية في الرابع من أكتوبر / تشرين الأول حتى تكون ثمة فرصة لنتنياهو ليتخذ قرارا.
وفي تصريحات أخرى لوكالة الصحافة الفرنسية أكد عباس أن من قرر استمرار الاستيطان هو من يتحمل مسؤولية أي وقف محتمل للمفاوضات، مؤكدا في الوقت نفسه أن الجانب الفلسطيني ما زال مصمما على رؤية نجاح ما سماه مفاوضات حقيقية وجدية.
وقال المفاوض الفلسطيني نبيل شعث لرويترز إن الرئيس عباس يريد أن ينصت إلى ما سيقوله ميتشل وربما يعيد الإسرائيليون تقييم موقفهم ويرون أن العالم كله ضد مواصلة النشاط الاستيطاني، لافتا إلى عدم وجود مفاوضات في الوقت الراهن.
وشدد شعث على عدم إجراء أي مفاوضات ما لم توقف إسرائيل المستوطنات، مشيرا إلى أن الجانب الفلسطيني يريد أن يعطي الإسرائيليين والأميركيين بضعة أيام لحل القضية.
وانقضت يوم الأحد فترة تجميد البناء في المستوطنات اليهودية بالضفة الغربية المحتلة التي قررتها إسرائيل واستمرت عشرة أشهر بعد أن رفض نتنياهو نداءات من الرئيس الأميركي باراك أوباما وزعماء أجانب آخرين لتمديد التجميد.
ومن المقرر أن تعقد لجنة متابعة مبادرة السلام العربية اجتماعا يوم الرابع من الشهر القادم لبحث الموقف من المفاوضات الفلسطينية المباشرة مع إسرائيل بعد انتهاء قرار تجميد الاستيطان في الضفة الغربية. وكانت اللجنة التي وفرت غطاء عربيا لقبول الفلسطينيين بالمفاوضات قد تعرضت لانتقادات من بعض أعضائها باعتبارها تجاوزت صلاحياتها المتمثلة أساسا بترويج مبادرة السلام العربية.
المصدر: وكالات