هي رقصة شعبية قديمة، ارتبط اسمها بالقدر المصنوع من الطين الذي تم إقفاله بجلد المعز المذبوح لتوه. وذلك بجعل الشعر إلى الأسفل والجانب الأملس إلى الأعلى ثم يعرض لأشعة الشمس قصد تجفيفه بعد أن يتم أحكامه في فم القدر جيدا . ثم يؤخذ مغزلان خشبيان لضرب الجلد في موقع القدر وفق إيقاع خاص وأغنيات خاصة.
إن رقصة الكدرة في الواقع عبارة عن مسرحية مرتجلة، يقوم بتمثيلها الشباب الذكور خاصة. بحيث يقوم أمهرهم في معرفة الإيقاع بالضرب على القدر بواسطة قضيبين خشبيين، وذلك بعد أن يتحلق حول الكدرة جماعة من الشباب الذكور، فيبدأ الإيقاع على القدر ثم تصفق جماعة من الشباب المتحلقين حوله وفق الإيقاع نفسه. وفي الوقت ذاته يرددون نشيدا على شكل حوار بين فئتين يتعلق موضوعه بالمناسبة، وهي غالبا ما تكون حفلة عرس. وبعد لحظة من الإيقاع الساخن وهو شرط ضروري تشترطه الراقصة، تدخل وسط الحلقة فتاة في كامل زينتها متلثمة ثم ترقص متقنعة بملحافها، حيث يتصاعد رقصها شيئا فشيئا حتى يدخل البطل ليكشف عنها القناع ويتعرف على محاسنها ويعلق عليها خنجرا دلالة على حمايتها، وعلى أنه اختارها زوجة المستقبل. وإذ ذاك ينسحب فيتغير الإيقاع ويشتد أكثر من السابق ويكون موضوع النشيد حول الراقصة مثل "وهاه من دار الكلادة لبيتيل ولا عيادة" "يمباركة ورغببة دلي لكرون علي" "يا عريش لبنان خلي داك الزين يبان، وتبقى الرقصة في الاستمرار حتى تقرب نهايتها، فيتغير الإيقاع للاستراحة قبل استئناف الرقصة من جديد مع فتاة أخرى.
ولقد ارتبطت الكدرة في منطقة وادي نون، باسم الفنانة "لبشارة بنت حمودي بن محمود". وهي من أقطاب الغناء والرقص الحساني، وهي فنانة داع سيطها على الصعيد الوطني والعالمي. تربت وازدادت بمنطقة وادي نون، وقد أحبت كثيرا الفنون المرتبطة بالتراث الحساني منذ نعومة أظافرها. بحيث كانت لها مكانة هامة في الحياة الفنية الصحراوية دشنتها منذ أواخر الأربعينات وبداية الخمسينات، فساهمت مساهمة فعالة في الحفاظ على نمط مهم من تراته الزاخر والمتمثل خصوصا في رقصة الكذرة، بل ذهبت إلى أبعد من ذلك ادارنقت بهذا النمط الفني لتساهم بالتعريف به إقليميا ووطنيا، خصوصا بالساحة الحمراء بموسكو وباريس وكندا وإسبانيا...
larabasse:cheers: