من المعلوم أن أهل المغرب الأقصى قبل اعتناقهم للمذهب المالكي كانو يتمذهبون بمذاهب مختلفة من خارجية ، ومعتزلة و حنفية و أوزاعية و بعض النحل الجاهلية (الإستقصا 1/139، و ـ مباحث في المذهب المالكي بالمغرب، لعمر الجيدي، ص:19) فقد كان المغاربة في صدر الإسلام على مذهب السلف من الأمة واعتقادهم، و هو المذهب الحق إلى أن حدثت فيهم بدعة الخارجية لأول المائة الثانية من الهجرة نزع لهم بها أهل النفاق من خوارج العراق وبثوها فيهم، فتلقوها منهم بالقبول، و حسن موقعها لديهم وقد رسخت فيهم هذه البدعة في البربر زمانا طويلا إلى أن اضمحلت في أواخر المائة وما بعدها، ومع ذلك بقيت منها آثار في أعقابهم من أصحاب الأطراف، ولما طهر الخلفاء من بني العباس المغرب من هذه النزعة الشيطانية، أخذ أهله بعدها بمذاهب أهل العراق في الأصول والفروع، لأن ذلك هو مذهب الخلفاء بالمشرق (مباحث في المذهب المالكي بالمغرب، لعمر الجيدي، ص:19.) ، وظل الأمر على هذه الحال إلى أن دخل المذهب المالكي من بعد فكتب الله له البقاء دون ما عداه من المذاهب الأخرى، لكن الروايات التي ذكرت في بداية دخول المذهب المالكي إلى المغرب الأقصى متضاربة عكس التي ذكرت في دخوله إلى غيره من الأمصار، فقد قيل: دخل في أواخر القرن الثاني الهجري، و قيل: في أواسط القرن الرابع، وقيل غير ذلك، لذلك يصعب تحديد رواية معينة و ترجيحها على ما عداها من الروايات المذكورة في هذا الصدد.
أسألكم من خالص دعائكم
عزيز كئيب