كان المنطلق من مجموعة «لقدام» التي
كانت أول تجربة خاضها شباب منطقة الدشيرة في صنف المجموعات، غير أنها لم
تستمر طويلا ليعيد أ عضاء المجموعة بقيادة عبدالهادي وعزير الشامخ ترتيب
بيتهم في إطار مجموعات أخرى بدأوها في الأول ب «جيل سيدي المكي» التي
مالبثت هي الأخرى أن تتحول ل «ازنزارن» . غير أن خروج عبدالهادي من صفوف
المجموعة رفقة بعض العناصر، دفعهم لتأسيس مجموعة جديدة حملت اسم «لمجاديل»
وهو اسم ستتخلى عنه بصفة نهائية لتستعيد اسم «إزنزارن» خاصة بعد أن تدخلت
مجموعة ناس الغيوان التي دعمت عبدالهادي و باقي الأعضاء لحسن فرتال ومولاي
ابراهيم ، والشاطر.والذين كانت ترى فيهم أمل ومستقبل للأغنية الأمازيغية.
استطاعت «إزنزارن» أن تحدث ثورة في الأغنية الأمازيغية والإنتقال بها إلى
أوجه اشتغال وتحرك فني لم تعهده هذه الأغنية من قبل. فبالإضافة إلي الأشعار
والكلمات الهادفة التي كانت تنطق بهموم الإنسان السوسي، نأت المجموعة عن
نمط الروايس الذي كان سائدا واستطاعت أن تؤسس لشكل جديد من الإبداع لاقى
صدى شعبيا كبيرا خاصة بين فئة الشباب الذي كان يطمح لمن يعبر عن همومه
وأضاعه سواء السياسية أو الإجتماعية، فيما ظلت فئات من الكهول وفية لنمط
ترايست لأنهم لم يكونوا يستوعبون آنذاك هذا الشكل الموسيقي الجديد الذي
أدخله عبدالهادي ورفاقه في النسق الموسيقي الأمازيغي الشعبي. وفي كل هذا
كان عبد الهادي “الرايس” العصري، ومهندس هذا الشكل الذي يتوجه لجمهور معين
من الشباب المغربي الواعي للظروف التي كان تعتمل سواء في المغرب أو خارجه.
وبذلك تحول عبد الهادي إلى رمز الشباب المتمرد على الوضع، الجامح والمتطلع
لآفاق تتحدى كل الصعاب لتصرخ بأعلى صوتها منددة بالظلم والقهر وتقلص مساحات
الحرية والأمل. صحيح ان “ ازنزارن” اكتسبت وعيها في مرحلة فرضت ذاتها على
مجالات الابداع برمته، فالمحيط العام سياسيا لم يكن هينا، بحكم ما ميز
أوائل السبعينيات من أوضاع سياسية مضطربة. كما أن المد الإبداعي كان مغلفا
بالوعي القومي وروح السخط والتمرد، خاصة وأن المرحلة لم تكن فيها للنزعات
«التجارية» اية فرصة في الظهور والانتشار، بنفس الدرجة التي كان فيها الجيل
الذي تلقف تلك التجارب جيلا صعبا في اقناعه ان لم تجتهد المجموعة في الشكل
والمضمون، الأمر الذي ادى الى تنميط لباس مميز لأعضاء المجموعة، يشترط فيه
ان يكون معبرا عن الاصالة، وفي ذلك كان السعي لنيل الاعتراف بالمشروعية
الفنية. والمتتبع لمسيرة عبدالهادي مع المجموعة يلاحظ أنها بدأت بالأغنية
العاطفية المشهورة '' إمي حنا '' لتتدج بعد ذلك نحو الالتزام مبتدئا بأغنية
« أوتيل» و« إكوت لبريح» و« كيخ» و« نتغي» ولترتمي في أحضان الأغنية
الهادفة التي تتطرق إلى مواضيع اجتماعية كما في قصيدة ''إدبوتغراد'' و«
كيخ» و« نتغي» و«توزالت»' وأغاني أخرى التصقت بالهم العربي وحاولت النضال
من خلال الكلمة التي رفعتها المجموعة في وجه الهمجية الصهيونية. وقد توقفت
مسيرة المجموعة سنة 1989 بعد إصدار شريطين دفعة واحدة، أحدهما بعنوان
''«أمتال » ـ والثاني '' أريالا إكيكيل''. توقف أحدث فراغا كبيرا على
الساحة الأمازيغية،
عن كتاب المجموعات العصرية لاحمد الخنبوبي