سنكتفي في هذه الحلقة بعرض حقيقة الإنسان من منظور الفلاسفة القدماء و فلاسفة عصور النهضة.
-الفلسفة القديمة:
لقد أكد سقراط على أن الإنسان ميال إلى الخير و لكن الذي يدفعه إلى ذلك هو أنانيته و حبه لذاته.فالإنسان يقوم بفعل الخير لأنه إذا قام بالشر فإنه سيضر بنفسه أولا قبل مجتمعه و يؤكد سقراط كذلك على أن الجهل هو الذي يدفع الإنسان إلى القيام بالشر فهو يجهل نتيجة فعله أو أثر ذلك الفعل على ذاته أولا قبل كل شيء.
إن الإنسان لا يقوم بفعل الخير إلا عندما يتأكد لديه أن الشر لا يضر بمصلحته و أن تحقيق هذه المصلحة لا يكون إلا بممارسة الشر فإنه لا يتوانى يوما في المبادرة إلى ذلك.
2- عصور النهضة:
يعتبر المفكر الإجتماعي و السياسي الإيطالي نيكولا ميكيافيلي من أبرز فلاسفة النهضة و قد ألف كتابا مشهورا اسمه"الأمير" و الذي يؤكد فيه على الصفات التي يجب أن يتحلى بها الأمير لكي يحافظ على عرشه و كان منطلق ميكيافيلي هو واقع الإنسان الذي يتميزبالشر و الأنانية و الظلم و بالتالي فإن التعامل مع هذا الإنسان يجب أن يكون هو الشر. يقول الفيلسوف"فالأمير مضطر للتطبع بطبع الحيوان فيقلد الأسد و الثعلب.لأن الأسد لا يستطيع أن يحمي نفسه مما يرمى له من الحبائل,و الثعلب لا يستطيع أن يتقي الذئاب...لذلك ينبغي للأمير أن يكون ثعلبا ليتقي الحفائر و الحبائل و أسدا ليرهب الذئاب,أما من يريد أن يكون أسد فقط فلا أمل له في الحياة".
ويشاطره طوماس هوبز الرأي حيث أنه يدعو إلى قيام دولة ديكتاتورية تقوم على أساس تفويض الحكم لفرد واحد من الناس,لأن شر فرد واحد خير من شر مجتمع كله.وهذا الحاكم له الحق في فعل أي شيء و ليس عليه إلا دفع ظلم الناس بعضهم لبعض.
في الحلقة القادمة سنستعرض رأي كل من فلاسفة القرن 19 و كذا الفكر الإسلامي كيف ينظر إلى الإنسان.